هل أرادوا بيع قناة السويس في الثمانينات؟.. أحمد بهاء الدين يجيب في عموده ب ”الأهرام”


في إبريل 1987 نشر الكاتب الصحفي الكبير الراحل، أحمد بهاء الدين، في عموده بجريدة الأهرام، رسالة من القانوني الكبير والمحامي الشهير د. عبد المنعم الشرقاوي، شقيق الكاتب والمفكر المعروف عبد الرحمن الشرقاوي.
كتب بهاء في تقديمه لتلك الرسالة يقول بأنها ”رأي خطير” ولكن تقديرا لمكانة الدكتور الشرقاوي فإنه ينشرها.
الرسالة كانت - باختصار - تقدم اقتراحا مثيرا (وجديدا) لمساعدة الدولة المصرية في مشكلة الديون المتراكمة، وقد وصلت إلى 30 مليار دولار، والتي بسببها كادت مصر أن تعلن إفلاسها، والاقتراح هو أن تقوم مصر بإنشاء شركة عالمية لقناة السويس برأس مال قدره 100 مليار، وأن تبيع مصر 49% من أسهم تلك الشركة للدول المستفيدة من القناة وشركات النفط والغاز العالمية، ومن عائد تلك الأسهم، وهو 49 مليار دولار، تقوم مصر بتسديد ديونها والباقي توجهه إلى الاستثمار الداخلي.
يقول الدكتور الشرقاوي بأن تلك الفكرة خطرت له عندما شاهد مناقشات مجلس العموم البريطاني حول نية الحكومة هناك بيع شركة النفط الإنجليزية وشركة رولز رويس للسيارات.
اقرأ أيضاً
لماذا اعتقل وزير الداخلية المغربي الكاتب الصحفي أحمد بهاء الدين وكيف تدخل عبد الحكيم عامر للإفراج عنه؟
كيف وصف أحمد بهاء الدين مكتبة توفيق الحكيم دون أن يراها؟
من هو الأديب ”ق.م” الذي شتم توفيق الحكيم!؟
”الأهرام” شهدت تفاصيلها.. معركة ”إدريس” و”شفيق” وجائزة نوبل في ”الحماقة”
”أردوغان حرامي الغاز والكهرباء”.. سلطان الدعارة والشذوذ يسرق خيرات ليبيا ثم يبيعها للشعب الليبي
بعدما بخل على نجله وعضب عليه لعزفه الموسيقى ..قصة مقال ”هيكل” في ”الأهرام” لتوفيق الحكيم لمصالحة ابنه
جمال زهران يطالب بوضع تمثال جمال عبد الناصر بدلا من ديلسبس في بورسعيد
في الرد على ذلك الاقتراح المثير والغريب كان من الممكن جدا، وكما هو معتاد، أن يكتفي الأستاذ بهاء بمقال له يفند ويحلل وينقد، لكنه أفرد مساحة مقاله لكثير من الردود التي كتبها خبراء وسياسيين ووزراء وأساتذة اقتصاد وقانون، حتى بلغ المجموع 10 مقالات/رسائل، وفوقها ما كتبه صاحب العمود نفسه.
نشر بهاء ردود (والألقاب محفوظة) عبد المنعم القيسوني وسلطان أبو علي وجلال أمين وإبراهيم طلعت وأحمد المصري (من الضباط الأحرار) وتناولت كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية للاقتراح.
ما فعله بهاء يؤكد شيء واحد هو أن ذلك الاقتراح "الغريب" ربما يكون تمت مناقشته في مستويات أخرى أعلى، خصوصا وأن مصر - بالفعل - وقتها كانت تعيش وضعا اقتصاديا صعبا للغاية، ومن هنا أراد بهاء قطع الطريق عليه!
في ذلك الوقت كانت مصر تبحث في كل اتجاه عن حل للأزمة، وكان أحد الحلول هو الانضمام لذلك التجمع الغريب (مجلس التعاون العربي) مع العراق والأردن واليمن، لكن حسني مبارك لم يستطع التلائم مع سياسات وتوجهات الرئيس العراقي صدام حسين العدوانية والمغامرة.
وبالطبع لم يكن أحد يتوقع ما حدث بعد ذلك عام 1990 حين قام صدام حسين بغزو الكويت، وكان شرط مصر الوحيد - بأسلوب براجماتي نادر الحدوث - للاشتراك في الحرب هو أن تسقط أمريكا ديونها العسكرية، وهو ما حدث بالغعل (وقد أضافتها أمريكا لفاتورة الحرب التي دفعتها دول الخليج).